حين تُولد وتجد كل شيء مُعدًّا لك: هل نعيش بوعي زائف؟

حين تُولد وتجد كل شيء مُعدًّا لك: هل نعيش بوعي زائف؟

منذ اللحظة الأولى، كأنك وُلدت إلى "نظام تشغيل"...
لا أحد ينتظر سؤالك، لا أحد يستأذنك،
فقط تبدأ الحياة، وتجد كل شيء قد تم اختياره نيابةً عنك.

دينك، لغتك، وطنك، اسمك، وحتى دعاؤك قبل النوم...
أشياء كُتبت فيك دون أن تمرّ بيدك، ولا حتى بعقلك.

تتعلّم ما ينبغي أن تحلم به،
وتتربّى على ما ينبغي أن تخجل منه،
تُلقّن أن التفوق هو الدرجات،
وأن الطاعة هي النجاة،
وأن "رضا الناس" غاية لا تُدرك، لكنها تُعبد.

تجتهد، تصلي، تحب، تنجح،
لكن ثمة شيء بداخلك لا يهدأ.
صوت صغير يهمس:
هل هذا أنا؟
أم أنني أعيش نسخةً تم تلقينها لي منذ الطفولة؟

كبرتُ وأنا أظن أنني أفكر.
لكن الحقيقة؟
كنتُ أُعيد إنتاج ما قيل لي بصيغةٍ أخرى.
أدافع عمّا ورثته، لا عمّا اخترته.
وأخاف من الشك أكثر مما أخاف من الخطأ.

حتى جاءت لحظة...
لم تكن درامية ولا عظيمة،
بل هادئة تمامًا… كهدوء ما قبل الزلزال.
سألت نفسي:
"لو كنت وُلدت في مكانٍ آخر، بعقيدةٍ أخرى، بثقافةٍ أخرى،
هل كنت سأفكر كما أفكر الآن؟"

وكان الجواب قاسيًا… ومحرّرًا.

منذ تلك اللحظة، لم تعد الحياة كما كانت.
أصبحتُ أبحث عن "أنا" الحقيقية،
لا عن النسخة التي صنعوها لي.
أبحث عن الإيمان الذي يلامس قلبي،
لا الذي يحمله جسدي كعادة.

لسنا ضدّ الدين، ولا الأسرة، ولا المجتمع…
لكننا ضد أن تُعطى لنا الحياة كعلبة مغلقة،
ونُجبر على العيش بها دون أن نفتحها،
نشمّها، نعيد ترتيبها، أو حتى نرميها.

الوعي الزائف؟
هو أن تعيش حياة غيرك، وتظن أنها حياتك.
أن تحفظ إجابات لم تسأل أسئلتها أصلًا.
أن تسير في طريقٍ لا تعرف من الذي رسمه،
لكنك تخاف أن تخرج عنه… لأن الجميع يسير فيه.

هذه المقالة ليست دعوةً للتمرد الأعمى،
بل للصحوة.
دعوة لأن تضع وعيك تحت المجهر،
وتسأل نفسك بصدق:
هل ما أؤمن به… يخصّني؟
أم أنه تركة قديمة... لم أفتحها قط؟

قد تكون هذه البداية فقط…
لكن كل بداية تبدأ بسؤال.
والسؤال الذي لا يُطرح…
يبقى هو السجن الأبدي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حين يُعاد تشكيل الإنسان... لماذا نبدأ من التعليم؟