المشاركات

حين تُولد وتجد كل شيء مُعدًّا لك: هل نعيش بوعي زائف؟

حين تُولد وتجد كل شيء مُعدًّا لك: هل نعيش بوعي زائف؟ منذ اللحظة الأولى، كأنك وُلدت إلى "نظام تشغيل"... لا أحد ينتظر سؤالك، لا أحد يستأذنك، فقط تبدأ الحياة، وتجد كل شيء قد تم اختياره نيابةً عنك. دينك، لغتك، وطنك، اسمك، وحتى دعاؤك قبل النوم... أشياء كُتبت فيك دون أن تمرّ بيدك، ولا حتى بعقلك. تتعلّم ما ينبغي أن تحلم به، وتتربّى على ما ينبغي أن تخجل منه، تُلقّن أن التفوق هو الدرجات، وأن الطاعة هي النجاة، وأن "رضا الناس" غاية لا تُدرك، لكنها تُعبد. تجتهد، تصلي، تحب، تنجح، لكن ثمة شيء بداخلك لا يهدأ. صوت صغير يهمس: هل هذا أنا؟ أم أنني أعيش نسخةً تم تلقينها لي منذ الطفولة؟ كبرتُ وأنا أظن أنني أفكر. لكن الحقيقة؟ كنتُ أُعيد إنتاج ما قيل لي بصيغةٍ أخرى. أدافع عمّا ورثته، لا عمّا اخترته. وأخاف من الشك أكثر مما أخاف من الخطأ. حتى جاءت لحظة... لم تكن درامية ولا عظيمة، بل هادئة تمامًا… كهدوء ما قبل الزلزال. سألت نفسي: "لو كنت وُلدت في مكانٍ آخر، بعقيدةٍ أخرى، بثقافةٍ أخرى، هل كنت سأفكر كما أفكر الآن؟" وكان الجواب قاسيًا… ومحرّرًا...

حين يُعاد تشكيل الإنسان... لماذا نبدأ من التعليم؟

 في الزوايا التي لا تراها الكاميرات، وفي الصمت الذي لا تلتقطه الميكروفونات، يتشكّل الإنسان... لا على طاولة الفلسفة، ولا في كتب التنمية البشرية، بل في مؤسسات تُعيد تشكيله برفقٍ شديد، حتى ينسى أنه كان يملك صوتًا مختلفًا يومًا ما. فإذا أردنا أن نعيد للإنسان وعيه، وأن نمنحه فرصة أن يكون ذاته لا ظلّ ما فُرض عليه، كان لا بد أن نبدأ من حيث أُنتج، من حيث صيغ وتهذّب واستُلبت منه فطرته: من التعليم. ١. لماذا التعليم أولًا؟ لأن التعليم لم يكن يومًا أداة للمعرفة فقط، بل كان ولا يزال أداةً للترويض. ليس كل تعليم تحريرًا، فهناك تعليم يُراد به أن تتعلّم كيف تُطأطئ رأسك، أن تحفظ ما لا تفهم، وأن تردّد ما لم تؤمن به، أن تتعود على الصمت، على الترتيب، على الامتحان لا الحياة. كان ينبغي أن يكون التعليم دعوةً لاكتشاف الذات، لكنه تحوّل إلى وسيلة لصناعة نسخٍ متشابهة من مواطنين صالحين… كما تراهم السلطة لا كما يرون أنفسهم. ٢. ما هو الوعي الزائف؟ الوعي الزائف هو حين تعتقد أنك اخترت طريقك، بينما في الحقيقة، لم تُمنح إلا طريقًا واحدًا. هو أن تحلم بما أراده لك الآخرون، وتخاف من الخروج عن المألوف، وتُقسم أ...